أحمد مطر هو شاعر عراقي الجنسية ولد سنة 1954م ابناً رابعاً بين عشرة أخوة من البنين والبنات، في قرية التنومة، إحدى نواحي شط العرب في البصرة. وعاش فيها مرحلة الطفولة قبل أن تنتقل أسرته وهو في مرحلة الصبا ، لتقيم عبر النهر في محلة الأصمعي . مكان الولادة و الاقامة
مكان الولادة التنومة كان لها تأثير واضح في الشاعر، فهي -كما يصفها- تنضح بساطة ورقّة وطيبة، مطرّزة بالأنهار والجداول والبساتين، وبيوت الطين والقصب، وأشجار النخيل، انتقلت أسرة الشاعر إلي محلة الأصمعي وهي إحدي محلات البصرة وكانت تسمي في بداية إنشائها بـ -الومبي- نسبة إلي اسم الشركة البريطانية التي بنت منازلها، ولعل من الطريف القول هنا إن أحمد مطر غالبا ما كان يردد : ( من الومبي للومب لي ) في إشارة إلي اسم المكان الذي حل به من بريطانيا ،أكمل أحمد دراسته الابتدائية في مدرسة العدنانية، ولشدة سطوة الفقر والحرمان عليه قرر تغيير نمط حياته لعل فيه راحة له وخلاصا من ذلك الحرمان، فيسارع للانتقال إلي بغداد، وبالتحديد إلي منطقة الزعفرانية ليعيش في كنف أخيه الأكبر (علي). بداية مشوار الشعر
وفي سن الرابعة عشرة بدأ مطر يكتب الشعر، ولم تخرج قصائده الأولى عن نطاق الغزل والرومانسية، أما موهبته في الشعر، فان أول قصيدة كتبها وهو في الصف الثالث من هذه المرحلة، وكانت تتألف من سبعة عشر بيتا، ومن الطبيعي ألا تخرج تلك القصيدة عن نطاق الغزل والهيام وهو أمر شائع ومألوف بين الناس لصبي أدرك منذ أدرك أن الشعر لا يعني سوي الوجد والهيام والدموع والأرق، وكان مطلع القصيدة : مرقت كالسهم لا تلوي خطاها *** ليت شعري ما الذي اليوم دهاها وإذا نظرنا إلي القصيدة نجد سبكاً أكبر من سنه، وهذا لا يتهيأ فنا ورصيداً لصبي ما زال مخزونه اللغوي والفني في طور التشكيل، وقد عرضت تلك القصيدة في حينها علي أحد المختصين فلم يصدق أنها لطالب ما زال في المرحلة المتوسطة، ثم راح أحمد مطر يكتب القصائد في ذكري المواليد مولد الرسول الكريم (صلي الله عليه وسلم) والإمام علي ( ع ) ، ومما كتبه بهذا الخصوص وهو في هذا السن، أي مرحلة المتوسطة قصيدة مطلعها : راحت تحاورني وتسكب همسهانغما رقيقا يستفيق علي الفم وجاء فيها قوله : ومشاعر تكبو تخط سماحةفتقول : ( رائعة فضربة لهذم) . وأحمد مطر هنا يشير إلي قصيدة الجواهري ( رسالة إلي أبي هدي ) وهي قصيدة نشرتها جريدة الثورة تحت عنوان رائعة الجواهري، ومطلعها (( نبأت أنك توسع الأزياء عتا واعتسافا ))، وفيها يعاتب الجواهري وزير الداخلية في حينها ( صالح مهدي عماش ) علي منعه الملابس النسائية القصيرة، وعلي إنشائه شرطة الآداب التي راحت تحاسب من يرتدين هذه الملابس ،وبسبب قسوة الحياة والظروف القاهرة التي كان يعيشها، تعثر في دراسته، فأحبط فلجأ إلي الكتاب هربا من واقعه، فزوده برصيد لغوي انساب زادا لموهبته، ويضاف إلي الكتاب الأحداث السياسية التي كان يمر به وطنه، وهو أمر جعله يلقي بنفسه في دائرة السياسة مرغما، بعد أن وجد أن الغزل والمواليد النبوية لا ترضي همته،فراح يتناول موضوعات تنطوي علي تحريض واستنهاض لهمم الناس للخلاص من واقعهم المر، وفي هذا الصدد يقول الشاعر : ألقيت بنفسي مبكرا في دائرة النار، عندما تكشفت لي خفايا الصراع بين السلطة والشعب، ولم تطاوعني نفسي علي الصمت أولا، وعلي ارتداء ثياب العرس في المأتم ثانيا، فجذبت عنان جوادي ناحية ميدان الغضب))، فذاع صيته بين الناس، وهو أمر جلب له ألما وسجنا، ويذكر انه سجن في مدينة الكوت في أثناء تأديته لخدمة العلم، وذلك بعد رفضه طلبا لمحافظها (محمد محجوب) بإلقاء قصيدة بمناسبة احتفالات تموز، فما كان من أحمد مطر إلا أن نظم قصيدة وهو في سجنه يخاطب فيها لائميه يقول مطلعها : ((ويك عني لا تلمني فانا اللوم غريمي وغريمي بأسي)).
الانتقال إلى لندن وحياته بها
إنتقل أحمد مطر إلي لندن عام 1986 بسبب عدم نزوله عن مبادئه ومواقفه، فضلا عن رفضه التقليل من الحدة في أشعاره التي كان ينشرها في القبس، وهو أمر لا تستسيغه الكويت والمنطقة كانت تمر بحرب طاحنة، إلا انه بقي يعمل في مكاتب القبس الدولية، ومن لندن سافر أحمد مطر إلي تونس ليجري فيها اتصالات مع كتابها وأدبائها، فرجع قافلا إلي لندن ليلقي فيها عصا الترحال ويستقر فيها بعيدا عن وطنه، وسرعان ما تسوء علاقته مع القبس، ولاسيما بعد(أن فتحت القبس له قوس الخيبة مع قصيدة اعد عيني وقصيدة الراحلة ) فصارت الراية القطرية متنفسه علي العالم بعد أن نحرت الرقيب علي أعتاب لافتاته كما يقول أحمد مطر إكراما للحرية، وعن هذا الموضوع يكتب أحمد مطر لافتة بعنوان ( حيثيات الاستقالة ) جاء فيها: (( أيتها الصحيفه الصدق عندي ثورة . وكذبتي إذا كذبت مرة ليست سوي قذيفه ! فلتأكلي ما شئت، لكني أنا مهما استبد الجوع بي أرفض أكل الجيفه . أيتها الصحيفه تمسحي بذلة وانطرحي برهبة وانبطحي بخيفه. أما أنا .. فهذه رجلي بأم هذه الوظيفه ! )) وعن حياته في بريطانيا كتب أحمد مطر ملخصا تلك الحياة : ( أنا في بريطانيا دولة مستقلة، نمشي علي قدمين، نشتاق إلي أوجاع احتلالها ونهفو إلي المعركة من جديد لست سعيدا لأني بعيد عن صدي آهات المعذبين لأني احمل آهاتهم في دمي، فالوطن الذي أخرجني منه لم يستطع أن يخرج مني ولا أحب أن أخرجه ولن أخرجه )) .أما اليوم فان أحمد مطر يعيش في بريطانيا مريضاً يقتات علي الذكريات والشاي والتدخين ، يعيش بين أفراد عائلته، (عائلته أربعة وهم : علي دكتوراه مونتاج سينما ومسرح، حسن ماجستير مونتاج سينما ومسرح، زكي مازال طالبا في الثانوية، وفاطمة تدرس الأدب المقارن في إحدي الجامعات البريطانية )، وكلما أفاق من سطوة المرض وجد وطنه يلعب دور البطولة التراجيدية علي شاشات التلفزيون، ولا سيما بعد أن لعبت بريطانيا الدور ذاته الذي كانت قد لعبته، فتتحول الضحكة التي ينتظرها أهله منه إلي نوبة نشيج مكتوم، تعلو بعدها توسلات الأبناء إليه أن يضرب عرض الحائط كل ما من شأنه إثارة الانفعال والأسي لديه، فلا يجد أحمد مطر سلوة له إلا أن يعد المرض حسنة لأنه أبعده قسرا عن الاستماع إلي نشرات الأخبار وقراءة الصحف وعن كل ما له صلة بالموت في وطنه .من اشعاره
حالات
بالتمادي . . . يصبِحُ اللّصُّ بأوربا مديراً للنوادي،
وبأمريكا، زعيماً للعصابات وأوكار الفسادِ،
وبأوطاني التي من شرعها قطع الأيادي،
.يصبح اللص . . . زعيماً للبلادِ،
إهانة رأتِ الدّوَلُ الكُبْرىتبديلَ الأدوارْفأقرَّتْ إعْفاءَ الواليواقْتَرحتْ تعْيينَ حِمارْ!ولدى توْقيعِ الإقرار ْنهقَتْ كُلُّ حميرِ الدُّنيا باستنكارْ:نحنُ حميرَ الدُّنيا، لا نرْفضُ أن نُتعَبْأو أن نُركَبْ، أو أن نُضرَبْأو حتى أن نُصلَبْ؛لكن نرفضُ في إصرارْأنْ نَغْدو خدماً للاستعمارْ.إنَّ حُمُورِيَّـتَنا تَأْبىأنْ يَلْحَقَنا هذا العارْ! عقوبات شرعية بتَرَ الوالي لِسانيعندما غنَّيْتُ شِعْريدونَ أن أطلُبَ ترْخيصاً بترْديدِ الأغاني***بتَرَ الوالي يَدي لمّا رآنيفي كِتاباتِيَ أرْسَلْتُ أغانٍيَّإلى كُلِّ مكانِ***وضَعَ الوالي على رِجْلَيَّ قيداًإذْ رآنيبينَ كُلِّ النّاسِ أمْشيدُونَ كفِّي ولِسانيصامِتاً أشْكُو هواني***أمَرَ الوالي بإعْداميلأنِّي لم أُصفِّقْ-عندما أمَرَ-ولم أهتِفْولم أبرَحْ مكانِي! و من منشوراته من طرف الداعي..إلى حضرة حمّال القُرَح:لك الحياة والفرح.نحن بخير، وله الحمد، ولا يهمناشيء سوى فراقكمنود أن نعلمكم أن أباكم قد طفح.وأمكم توفيت من فرط شدة الرشحوأختكم بألف خير.. إنماتبدو كأنها شبح.تزوجت عبدالعظيم جاركموزوجها في ليلة العرس انذبح.ولم يزل شقيقكم في السجن.. لارتكابه أكثر من عشر جُنح.وداركم عامرة.. أنقاضهاوكلبكم مات لطول ما نبحوما عدا ذلك لا ينقصناسوى وجودكم هنا.أخوكم الداعي لكم(قوس قزح)ملحوظة: كل الذي سمعته عن مرضي بالضغط والسكرِ.. صح.ملحوظة ثانية: دماغ عمك انفتح.وابنة خالك اختفت.لم ندر ماذا فعلتلكن خالك انفضح!ملحوظة أخيرة:لك الحياة والفرح!”